الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)
.فصل هَلْ الْعَارِيّةُ مَضْمُونَةٌ: الثّالِثُ أَنّهُ جَعَلَ الضّمَانَ صِفَةً لَهَا نَفْسِهَا، وَلَوْ كَانَ ضَمَانَ تَلَفٍ لَكَانَ الضّمَانُ لِبَدَلِهَا، فَلَمّا وَقَعَ الضّمَانُ عَلَى ذَاتِهَا، دَلّ عَلَى أَنّهُ ضَمَانُ أَدَاءٍ. فَإِنْ قِيلَ فَفِي الْقِصّةِ أَنّ بَعْضَ الدّرُوعِ ضَاعَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يَضْمَنَهَا، فَقَالَ أَنَا الْيَوْمَ فِي الْإِسْلَامِ أَرْغَبُ قِيلَ هَلْ عَرَضَ عَلَيْهِ أَمْرًا وَاجِبًا أَوْ أَمْرًا جَائِزًا مُسْتَحَبّا الْأَوْلَى فِعْلُهُ وَهُوَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالشّيَمِ وَمِنْ مَحَاسِنِ الشّرِيعَةِ؟ وَقَدْ يَتَرَجّحُ الثّانِي بِأَنّهُ عَرَضَ عَلَيْهِ الضّمَانَ وَلَوْ كَانَ الضّمَانُ وَاجِبًا، لَمْ يَعْرِضْهُ عَلَيْهِ بَلْ كَانَ يَفِي لَهُ بِهِ وَيَقُول: هَذَا حَقّك، كَمَا لَوْ كَانَ الذّاهِبُ بِعَيْنِهِ مَوْجُودًا، فَإِنّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَعْرِضَ عَلَيْهِ رَدّهُ فَتَأَمّلْهُ. .فصل جَوَازُ عَقْرِ مَرْكُوبِ الْعَدُوّ إذَا كَانَ عَوْنًا عَلَى قَتْلِهِ: .عَفْوُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَمّنْ هَمّ بِقَتْلِهِ: .إخْبَارُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ شَيْبَةَ بِمَا أَضْمَرَ فِي نَفْسِهِ وَثَبَاتِهِ وَقَدْ تَوَلّى عَنْهُ النّاسُ: وَقَدْ اسْتَقْبَلَتْهُ كَتَائِبُ الْمُشْرِكِينَ. وَمِنْهَا: إيصَالُ اللّهِ قَبْضَتَهُ الّتِي رَمَى بِهَا إلَى عُيُونِ أَعْدَائِهِ عَلَى الْبُعْدِ مِنْهُ رَآهُمْ الْعَدُوّ جَهْرَةً وَرَآهُمْ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ. .جَوَازُ انْتِظَارِ إسْلَامِ الْكُفّارِ حَتّى تُرَدّ عَلَيْهِمْ أَمْوَالُهُمْ قَبْلَ قَسْمِهَا: .فصل هَلْ الْعَطَاءُ الّذِي أَعْطَاهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِقُرَيْشٍ وَالْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ الْخُمُسِ أَوْ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ: .فصل جَوَازُ بَيْعِ الرّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ نَسِيئَةً وَمُتَفَاضِلًا: أَحَدُهَا: جَوَازُ ذَلِكَ مُتَفَاضِلًا، وَمُتَسَاوِيًا نَسِيئَةً وَيَدًا بِيَدٍ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشّافِعِيّ. وَالثّانِي: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ نَسِيئَةً وَلَا مُتَفَاضِلًا. وَالثّالِثُ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ النّسَاءِ وَالتّفَاضُلِ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ- رَحِمَهُ اللّهُ- وَالرّابِعُ إنْ اتّحَدَ الْجِنْسُ جَازَ التّفَاضُلُ وَحَرُمَ النّسَاءُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ جَازَ التّفَاضُلُ وَالنّسَاءُ. وَلِلنّاسِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَالتّأْلِيفِ بَيْنَهَا ثَلَاثَةُ مَسَالِكَ أَحَدُهَا: تَضْعِيفُ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ لِأَنّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ سِوَى حَدِيثَيْنِ لَيْسَ هَذَا مِنْهُمَا، وَتَضْعِيفُ حَدِيثِ الْحَجّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ. وَالْمَسْلَكُ الثّانِي: دَعْوَى النّسْخِ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيّنْ الْمُتَأَخّرُ مِنْهَا مِنْ الْمُتَقَدّمِ وَلِذَلِكَ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ. وَالْمَسْلَكُ الثّالِثُ حَمْلُهَا عَلَى أَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ وَهُوَ أَنّ النّهْيَ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً إنّمَا كَانَ لِأَنّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى النّسِيئَةِ فِي الرّبَوِيّاتِ فَإِنّ الْبَائِعَ إذَا رَأَى مَا فِي هَذَا الْبَيْعِ مِنْ الرّبْحِ لَمْ تَقْتَصِرْ نَفْسُهُ عَلَيْهِ بَلْ تَجُرّهُ إلَى بَيْعِ الرّبَوِيّ كَذَلِك، فَسَدّ عَلَيْهِمْ الذّرِيعَةَ وَأَبَاحَهُ يَدًا بِيَدٍ وَمَنَعَ مِنْ النّسَاءِ فِيهِ وَمَا حَرُمَ لِلذّرِيعَةِ يُبَاحُ لِلْمَصْلَحَةِ الرّاجِحَةِ كَمَا أَبَاحَ مِنْ الْمُزَابَنَةِ الْعَرَايَا لِلْمَصْلَحَةِ الرّاجِحَةِ وَأَبَاحَ مَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً مُتَفَاضِلًا فِي هَذِهِ الْقِصّةِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إنّمَا وَقَعَ فِي الْجِهَادِ وَحَاجَةُ تَجْهِيزِ الْجَيْشِ، وَمَعْلُومٌ أَنّ مَصْلَحَةَ تَجْهِيزِهِ أَرْجَحُ مِنْ الْمَفْسَدَةِ فِي بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً وَالشّرِيعَةُ لَا تُعَطّلُ الْمَصْلَحَةَ الرّاجِحَةَ لِأَجْلِ الْمَرْجُوحَةِ وَنَظِيرُ هَذَا جَوَازُ لُبْسِ الْحَرِيرِ فِي الْحَرْبِ وَجَوَازُ الْخُيَلَاءِ فِيهَا، إذْ مَصْلَحَةُ ذَلِكَ أَرْجَحُ مِنْ مَفْسَدَةِ لُبْسِهِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ لِبَاسُهُ الْقَبَاءَ الْحَرِيرَ الّذِي أَهْدَاهُ لَهُ مَلِكُ أَيْلَةَ سَاعَةً ثُمّ نَزْعُهُ لِلْمَصْلَحَةِ الرّاجِحَةِ فِي تَأْلِيفِهِ وَجَبْرِهِ وَكَانَ هَذَا بَعْدَ النّهْيِ عَنْ لِبَاسِ الْحَرِيرِ كَمَا بَيّنّاهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ التّخْيِيرِ فِيمَا يَحِلّ وَيَحْرُمُ مِنْ لِبَاسِ الْحَرِيرِ وَبَيّنّا أَنّ هَذَا كَانَ عَامَ الْوُفُودِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَنّ النّهْيَ عَنْ لِبَاسِ الْحَرِيرِ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ بِدَلِيلِ أَنّهُ نَهَى عُمَرَ عَنْ لُبْسِ الْحُلّةِ الْحَرِيرِ الّتِي أَعْطَاهُ إيّاهَا، فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكّةَ وَهَذَا كَانَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَلِبَاسُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَدِيّةَ مَلِكِ أَيْلَةَ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَنَظِيرُ هَذَا نَهْيُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ الصّلَاةِ قَبْلَ طُلُوعِ الشّمْسِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ سَدّا لِذَرِيعَةِ التّشَبّهِ بِالْكُفّارِ وَأَبَاحَ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ مِنْ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَقَضَاءِ السّنَنِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَتَحِيّةِ الْمَسْجِدِ لِأَنّ مَصْلَحَةَ فِعْلِهَا أَرْجَحُ مِنْ مَفْسَدَةِ النّهْيِ. وَاللّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الْقِصّةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إذَا جَعَلَا بَيْنَهُمَا أَجَلًا غَيْرَ مَحْدُودٍ جَازَ إذَا اتّفَقَا عَلَيْهِ وَرَضِيَا بِهِ وَقَدْ نَصّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِهِ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فِي الْخِيَارِ مُدّةً غَيْرَ مَحْدُودَةٍ أَنّهُ يَكُون جَائِزًا حَتّى يَقْطَعَاهُ وَهَذَا هُوَ الرّاجِحُ إذْ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ وَلَا عُذْرَ وَكُلّ مِنْهُمَا قَدْ دَخَلَ عَلَى بَصِيرَةٍ وَرِضًى بِمُوجَبِ الْعَقْدِ فَكِلَاهُمَا فِي الْعِلْمِ بِهِ سَوَاءٌ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَزِيّةٌ عَلَى الْآخَرِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا. .فصل هَلْ الْأَسْلَابُ مُسْتَحَقّةٌ بِالشّرْعِ أَوْ بِالشّرْطِ؟ وَالثّانِي: أَنّهُ لَا يُسْتَحَقّ إلّا بِشَرْطِ الْإِمَامِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللّهُ لَا يُسْتَحَقّ إلّا بِشَرْطِ الْإِمَامِ بَعْدَ الْقِتَالِ. فَلَوْ نَصّ قَبْلَهُ لَمْ يَجُزْ. قَالَ مَالِكٌ وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ ذَلِكَ إلّا يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَإِنّمَا نَفّلَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَعْدَ أَنْ بَرَدَ الْقِتَالُ. وَمَأْخَذُ النّزَاعِ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ هُوَ الْإِمَامَ وَالْحَاكِمَ، وَالْمُفْتِيَ وَهُوَ الرّسُولُ فَقَدْ يَقُولُ الْحُكْمَ بِمَنْصِبِ الرّسَالَةِ فَيَكُونُ شَرْعًا عَامّا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَقَوْلِهِ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدّ وَقَوْلِهِ مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الزّرْعِ شَيْءٌ وَلَهُ نَفَقَتُهُ وَكَحُكْمِهِ بِالشّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَبِالشّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ وَقَدْ يَقُولُ بِمَنْصِبِ الْفَتْوَى، كَقَوْلِهِ لِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ، وَقَدْ شَكَتْ إلَيْهِ شُحّ زَوْجِهَا، وَأَنّهُ لَا يُعْطِيهَا مَا يَكْفِيهَا: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ فَهَذِهِ فُتْيَا لَا حُكْمٌ إذْ لَمْ يَدْعُ بِأَبِي سُفْيَانَ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ جَوَابِ الدّعْوَى، وَلَا سَأَلَهَا الْبَيّنَةَ. وَقَدْ يَقُولُهُ بِمَنْصِبِ الْإِمَامَةِ فَيَكُونُ مَصْلَحَةً لِلْأُمّةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَذَلِكَ الْمَكَانِ وَعَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَيَلْزَمُ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمّةِ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ الْمَصْلَحَةِ الّتِي رَاعَاهَا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ زَمَانًا وَمَكَانًا وَحَالًا، وَمِنْ هَاهُنَا تَخْتَلِفُ الْأَئِمّةُ فِي صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَقَوْلِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ هَلْ قَالَهُ بِمَنْصِبِ الْإِمَامَةِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ مُتَعَلّقًا بِالْأَئِمّةِ أَوْ بِمَنْصِبِ الرّسَالَةِ وَالنّبُوّةِ فَيَكُونَ شَرْعًا عَامّا؟ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ هَلْ هُوَ شَرْعٌ عَامّ لِكُلّ أَحَدٍ، أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ أَوْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْأَئِمّةِ فَلَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ إلّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ؟ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَالْأَوّلُ لِلشّافِعِيّ وَأَحْمَدَ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِمَا. وَالثّانِي: لِأَبِي حَنِيفَةَ وَفَرّقَ مَالِكٌ بَيْنَ الْفَلَوَاتِ الْوَاسِعَةِ وَمَا لَا يَتَشَاحّ فِيهِ النّاسُ وَبَيْنَ مَا يَقَعُ فِيهِ التّشَاحّ فَاعْتُبِرَ إذْنُ الْإِمَامِ فِي الثّانِي دُونَ الْأَوّلِ. .فصل الِاكْتِفَاءُ فِي الْأَسْلَابِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ: الثّانِيةُ الِاكْتِفَاءُ فِي ثُبُوتِ هَذِهِ الدّعْوَى بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ لِمَا ثَبَتَ فِي الصّحِيحِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمّا الْتَقَيْنَا، كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَدَرْت إلَيْهِ حَتّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ وَأَقْبَلَ عَلَيّ فَضَمّنِي ضَمّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ ثُمّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ فَقَالَ مَا لِلنّاسِ؟ فَقُلْت: أَمْرُ اللّهِ ثُمّ إنّ النّاسَ رَجَعُوا، وَجَلَسَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ، قَالَ فَقُمْتُ فَقُلْت: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمّ جَلَسْت، ثُمّ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ فَقُمْت فَقُلْت: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمّ قَالَ ذَلِكَ الثّالِثَةَ فَقُمْت، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصّةَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللّهِ وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنْ حَقّهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ: لَاهَا اللّهِ إذًا لَا يَعْمِدُ إلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللّهِ يُقَاتِلُ عَنْ اللّهِ وَرَسُولِهِ فَيُعْطِيك سَلَبَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَدَقَ فَأَعْطِهِ إيّاهُ، فَأَعْطَانِي، فَبِعْتُ الدّرْعَ فَابْتَعْت بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ فَإِنّهُ لَأَوّلُ مَالٍ تَأَثّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ هَذَا أَحَدُهَا، وَهُوَ وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ. وَالثّانِي: أَنّهُ لَابُدّ مِنْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَإِحْدَى الرّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ. وَالثّالِثُ- وَهُوَ مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ- أَنّهُ لَابُدّ مِنْ شَاهِدَيْنِ لِأَنّهَا دَعْوَى قَتْلٍ فَلَا تُقْبَلُ إلّا بِشَاهِدَيْنِ.
|